السبت، 5 سبتمبر 2015

روح حية وسط موجة صاخبة..وميزة النقد التطبيقي

روح حية وسط موجة صاخبة.. وميزة  النقد التطبيقي.

-        لينا هاني

           صدر في عمان عن دار فضاءات للنشر كتاب ( روح حية وسط موجة صاخبة ) للناقد والفنان التشكيلي مؤيد داود البصام، والكتاب مجموعة دراسات نقدية تطبيقية للقصة والرواية، تناول فيها مجموعة من كتاب القصة القصيرة والرواية، في العراق والاردن وفلسطين، أعتمد فيها تجزءة الموضوعات بدراسات مستقلة، لكل مؤلف دراسة، وكانها وحدات مستقلة، الا انها في الحقيقة تشترك في وحدة الموضوع كونها تمثل مرحلة من مراحل الحراك المتغير في الوطن العربي والعراق وتناقش قضية الاحتلال التي وقعت على فلسطين والعراق، وقضية الحرية في التعبير التي تعاني منها الجماهير العربية عموما، الذي جعل السرد في حالة من القلق الفكري، للتعبير عما يحدث على ارض الواقع، وهذا ما دعى الناقد لان ياخذ كل عمل على حدة دون ان يضعها في تحليل عام، و هو ما يوضحه لنا العنوان، الذي استقاه من عنوانين لكتابين صدرا في ثمانينيات القرن الماضي  لشاعرين مهمين على الصعيد المحلي العراقي والعربي، هما سامي مهدي وفاضل العزاوي، وبنى رؤيته على اساس قدرة القصة والرواية في العراق والاردن على أثبات وجودها في تحولاتها السردية أمام الواقع الذي كان يحد من تطور أدوات السرد كما في بقية انحاء العالم، وفيما مثله جيل ستينيات القرن العشرين، من تطور على صعيد جميع الانساق الادبية والفنية والفكرية، ولكن هذا التطور في بنية الشكل والنص خضع لقلق حملته الاحداث التي مرت على الوطن العربي والعراق بالذات، فكانت روح حية متطوره متجددة للإنسان العربي والعراقي، ولكنها خضعت لموجة صاخبة تصادمت فيها الافكار ضمن حدود الحرية المتاحة تحت ظل أنظمة لا تعترف للآخر بحق النقد المباشر لسلطة آلهية  تتمتع بها، فكان منها اصيلا في عملية التحول، ومنها غير اصيل، ويشير بذلك، إلى انه اختار العنوان الذي وضعه لرواية بابا سارتر للروائي المعروف علي بدر، الذي تحدث في روايته عن الفراغ الفكري لبعض فئات من المثقفين، الذين اتخذوا قشور الثقافة ومظهرها الفارغ وكانهم حملة شعلة الحداثة والتطور الفكري، وهي الاشكالية التي عانت منها الثقافة العربية عموما وليس العراقية وحسب، ومن هذا المنطلق ربط العلاقات السردية التي جاءت عبر تحليل اعمال ثلاثين قاصا ً وروائيا ً، منهم من أخذ منه عملا واحدا ً ودرسه، ومنهم من تابع اعماله مثل امجد توفيق وعلي بدر وسعد محمد رحيم وخليل السواحري وسعود قبيلات وحسن كريم عاتي وسعد هادي، وقد جاءت عناوينه لتوضح هذه الاشكاليات، وقد يطرح السؤال التالي، اين وحدة الموضوع في الكتاب؟ في خطوة ابداعية يقوم بها الناقد البصام لوضع المتلقي مكانه في تحليل الخطاب، على الرغم من انه يوضح هذه النقطة في المقدمة. (التأكيد على المقارنة بين اتجاهات القصة القصيرة والرواية، والأفكار التي ركزت عليها، وبالذات قضايا الإنسان المعاصرة، من حيث كونهما ينتميان إلى نسق القص، على الرغم أنها صدرت في العراق وكتب أغلبها عن أرض وإنسان العراق وفلسطين والأردن، لكن وحدتها موجودة في همومها والمنطلقات الإبداعية التي تتحدث عن الرؤية العميقة لمأساة إنسان هذه المنطقة، والمؤثرات للأحداث السياسية بالذات على العملية الإبداعية ). ( المقدمة) وتاكيده على قضية الاحتلال والمقارنة بين أحتلال فلسطين والعراق وكيف عالج القاص والروائي الفلسطيني قضية الاحتلال ومؤثرات الاحداث الداخلية ،  وكيف تعامل معها سرديا القاص والروائي العراقي، من دون أن يفرض رأيه وترك المقارنة للمتلقي، ، ( أن المعاناة الإنسانية عموما ً والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في هذه البقعة من الأرض هي الصفة الغالبة على مضامين القص ، أكثر من المعاناة الذاتية الفردية، ذات المنحى الوجودي الذاتي، بعيدا ً عن هموم المجتمع، مما يشير إلى أن الفكر السياسي والأيديولوجي بشكل وآخر لهما تأثيرٌ كبيرٌ على السرد العراقي والعربي،) (المقدمة)، ونستخلص من هذا، أن السرد العربي على الرغم من المؤثرات التي كانت واقعة عليه من الادب الغربي، إلا أن العامل الاقتصادي والإجتماعي، أثر تاثيرا ً فكريا ً كبيرا ً، بحيث لم يغير تأثير التطورات السردية الغربية على البناء العام للسرد العربي، وظل محكوما بمحاكاته للواقع، أكثر من محاكاته للذات التي غرق فيها السرد الغربي في تلك الفترة وما زال.  أن دينامكية الكتاب تكمن في أنه أعطى لكل كاتب حقه في الرؤية النقدية، ولم يجعله ضمن السياق العام للموضوعات الخاصة بالسرد، وبهذا اتاح للقارئ أن يقرء عن كل واحد من الكتاب بصورة خاصة ، ويخضعه للفكرة العامة من خلال دراسته لتاثيرات العناصر التي أثرت في السرد العراقي والاردني والفلسطيني، بفعل وحدة المصير، وأن أختلفت أشكال الاحتلالات في العراق وفلسطين.
السمات الاساسية ....
          من السمات الاساسية التي تتوضح في كتاب ( روح حية وسط موجة صاخبة ) أن الناقد مؤيد البصام ، كان موضوعيا ً وكانت نقوداته لا تخضع للمزاجية والاخوانية، التي ابتلى بها الكثير من النقد العربي، أضافة للاضاءات التي وضعها في الكشف عن ما وراء السرد، ومن هنا نجد أن دراساته نصوص أبداعية، تحتوي عدة أتجاهات ومناهج، فهو لا يتخذ منهجا ً محددا ً، ولكنه يشرك في المقال الواحد عدة مناهج، يعتمد عليه في التحليل، أجتماعيا ً ونفسيا ً وشكليا ً، وهذا ما جعل الكتاب ضمن دراساته المتعددة، ذا بناء معرفي يغني المتلقي بمعلومات واجابات عن أسئلة تدور في ذهن القارئ،  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق